قيل لقس بن ساعدة ما افضل المعرفة قال معرفة الرجل نفسه وقيل له ما افضل العلم فقال وقوف المرء عند عمله وقيل له ما افضل المروءة فقال استبقاء الرجل ماء وجهه وقال الحسن : التقدير نصف الكسب والتودد نصف العقل وحسن طلب الحاجة نصف العلم وقالوا لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق ولاغنى كالرضا عن الله واحق ما صبر عليه ما ليس الى تغييره سبيل وقالوا افضل البر الرحمة ورأس المودة الاسترسال ورأس العقوق مكاتمة الاذنين وراس العقل الاصابة بالظن وقالوا التفكر نور والغفلة ظلمة والجهالة ضلالة والعلم حياة والاول سابق والثاني لاحق والسعيد من اتعظ بغيره.
وقيل لاحدهم اين تحب ان تكون اياديك قال عند ذي الرتبة وعند ذي الخلة الكريم والمعسر العريم والمستضعف الحليم.
قيل من احق الناس بالمقت فاجاب احدهم بقوله الفقير المختال والضعيف الصوال والغني القوال وقال من احق الناس بالمنع قال الحريص الكاند والمستميد الحاسد والمخلف الواجد وقال من اجدر الناس بالصنيعة قال من اذا اعطي شكر واذا منع عذر واذا امطل صبر واذا قدم العهد ذكر.
قال من اكرم الناس عشرة قال من اذا قرب منح واذا ظلم صفح وان ضويق سمح. قال من اجلّ الناس قال من عفا اذا قدر واجمل اذا انتصر ولم تطغه عزة الظفر، قال فمن احزم الناس قال من اخذ رقاب الاسود بيديه وجعل العواقب نصب عينيه ونبذ التهيب دبر اذنيه، قال فمن اخرق الناس قال من ركب الخطار واعتسف العثار واسرع في البدار قبل الاقتدار، قال من اجود الناس قال من بذل المجهود ولم يأس على المفقود، قال من ابلغ الناس قال من حلى المعنى المزيز باللفظ الوجيز وطبق المفصل قبل التحزيز قال من انعم الناس عيشا قال من تحلى بالعفاف ورضي بالكفاف وتجاوز ما يخاف الى ما لا يخاف قال فمن اشقى الناس قال من حسد على النعم وسخط على القسم واستشعر الندم على ما انحتم قال من اغنى الناس قال من استشعر اليأس واظهر التجمل للناس واستكثر قليل النعم ولم يسخط على القسم قال من احكم الناس قال من صمت فادكر ونظر فاعتبر ووعظ فازدجر قال من اجهل الناس قال من راى الخرق مغنما والتجاوز مغرما قال ابو عبيدة الخلة الحاجة والخلة الصداقة والكاند الذي يكفر النعمة والكنود الكنوز والمستميد مثل المستمير والمستعطي يكون منه اشتقاق المائدة لانها تماد وكنع تقيض ويقال تكنع جلده اذا تقيض أي انه ممسك بخيل والجشع اسوأ الحرص والطبع الدنس والاعتساف ركوب الطريق على غير هداية وركوب الامر على غير معرفة والمزيز من قولهم هذا امر من هذا أي افضل منه وازيد والمطبق من السيوف الذي يصيب المفاصل لا يجاوزها.
وقال عمر بن العاص ثلاث لا اناة فيهن المبادرة بالعمل الصالح ودفن الميت وتزويج الكفء. وقالوا ثلاثة لا يندم على ما سلف اليهم الله في عمل له والمولى الشكر فيما اسدى اليه والارض الكريمة فيما بذر فيها. وقالوا ثلاثة لا بقاء لها ظل الغمام وصحبة الاشرار والثناء الكاذب. وقالوا ثلاثة لا تكون الا في ثلاثة الغنى في النفس والشرف في التواضع والكرم في التقوى وقالوا ثلاثة لا تعرف الا في ثلاثة الباس لا يعرف الا عند اللقاء وذو الامانة لا يعرف الا عند الاخذ والعطاء والاخوان لا يعرفون الا عند النوائب. وقالوا من طلب ثلاثة لم يسلم من ثلاثة من طلب المال بالكيمياء لم يسلم من الافلاس ومن طلب الدين بالفلسفة لم يسلم من الزندقة ومن طلب الفقه بغرائب الحديث لم يسلم من الكذب وقالوا عليكم بثلاث جالسوا الكبراء وخالطوا الحكماء وساءلوا العلماء.
وقال عمر بن الخطاب رضوان الله عليه اخوف ما اخاف عليكم شح مطاع وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه واجتمعت علماء العرب والعجم على اربع كلمات لا تحمل على ظنك مالا تطيق ولا تعمل عملا لا ينفعك ولا تغتر بامرأة ولا تثق بمال وان كثر. وقال الرياحي في خطبته بالمربد با بني رياح لا تحقروا صغيرا تاخذون عنه فاني اخذت من الثعلب روغاته ومن القرد حكايته ومن السنور ضرعه ومن الكلب نصرته ومن ابن آوى حذره ولقد تعلمت من القمر سير الليل ومن الشمس ظهور الحين بعد الحين وقالوا ابن ادم هو العالم الكبير الذي جمع الله فيه العلم كله فكان فيه بسالة الليث وصبر الحمار وحرص الخنزير وحذر الغراب وروغان الثعلب وضرع السنور وحكاية القرد وجبن الصرد ولما قتل كسرى بزر جمر وجد في منطقته مكتوبا اذا كان الغدر في الناس طباعا فالثقة بالناس عجز واذا كان القدر حقا فالحرص باطل واذا كان الموت راصدا فالطمأنينة حمق وقال ابو عمرو بن العلاء خذ الخير من اهله ودع الشر لاهله وقال عمرو بن العلاء خذ الخير من اهله ودع الشر لاهله.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا تنهكوا وجه الارض فان شحمتها في وجهها وقال بع الحيوان احسن ما يكون في عينك.
وقالوا فرقوا بين المنايا واجعلوا من الراس راسين ولا تلبثوا بدار معجزة وقالوا اذا قدمت المصيبة تركت التعزية واذا قدم الاخاء سمج الثناء وفي كتاب للهند جاء ما يلي: ينبغي للعاقل ان يدع التماس ما لا سبيل اليه والا يعد جاهلا كرجل اراد ان يجري السفن في البر والعجل في البحر وذلك ما لا سبيل اليه. وقالوا احسان المسيء ان يكف عنك اذاه واساءة المحسن ان يمنعك جدواه وقال الحسن البصري اقذعوا هذه النفوس فانها طلعة وحادثوها بالذكر فانها سريعة الدثور فانكم الا ترعوها تنزع بكم الى شر غاية يقول حادثوها بالحكمة كما يحادث السيف بالصقال فانها سريعة الدثور يريد الصدأ الذي يعرض للسيف واقذعوها من قذعت انف الجمل اذ دفعته فانها طلعة يريد متطلعة الى الاشياء.
قال اردشير بن بايك : ان للاذان مجة وللقلوب مللا ففرقوا بين الحكمتين يكن ذلك استجماما.
وكل ما ورد سابقا كان من الكتاب الشهير العقد الفريد لابن عبدربه في باب نوادر من الحكمة.